بوفليا : جزيرة لن تغفر لك إن دخلتها

إعداد : كمال غزال

وسط مياه البندقية الساحرة، وتحديداً بين مدينتي فينيسيا (البندقية) وليدو، تطفو قطعة أرض صغيرة تُعرف باسم جزيرة بوفليا Poveglia Island.

قد تبدو في الظاهر جزيرة عادية أو حتى رومانسية، لكنها في الواقع تُلقب بـ"الجزيرة الملعونة"، وتُعتبر من أكثر الأماكن رعباً في العالم فتاريخ الجزيرة قاتم ومليء بالمآسي، ويعود إلى قرون مضت.

مقبرة الطاعون

في القرن الرابع عشر، ضرب وباء الطاعون أوروبا، وبلغ ذروته في إيطاليا. جزيرة بوفليا استُخدمت حينها كمحطة عزل لآلاف المرضى المصابين بالطاعون.

كان يتم جلب المرضى قسراً، بعضهم وهم لا يزالون أحياء، ليموتوا هناك بعيداً عن المدن. ثم تُحرق جثثهم وتُدفن في حفر جماعية.

ويُقدر أن أكثر من 160 ألف شخص لقوا حتفهم على الجزيرة، حتى أن التربة هناك مكوّنة جزئياً من رماد الجثث المحروقة.

الجزيرة النفسية

في أوائل القرن العشرين، أُنشئ هناك مستشفى للأمراض العقلية. تقول الروايات المحلية إن طبيباً كان يُجري تجارب قاسية على المرضى، بما في ذلك عمليات اللوبوتومي (قطع الفص الجبهي للدماغ)، باستخدام أدوات بدائية.

وفي نهاية المطاف، قفز هذا الطبيب من برج الجزيرة، ويقال إنه صرخ قبل أن يموت قائلاً إنه "رأى أرواح المرضى تطارده".

هل الجزيرة مسكونة ؟

العديد من السكان المحليين يرفضون حتى الاقتراب من الجزيرة، ويؤكدون أنها مكان "غير طاهر" ، ووفقاً لشهادات صائدي الأشباح والمغامرين الذين تمكنوا من الوصول إليها:

تُسمع همسات وصراخات في الليل، دون وجود أحد ، ويُشاهد ظلال تتحرك بين الأطلال ، يشعر بعض الزوار بـاختناق مفاجئ أو رغبة في الفرار دون سبب واضح ، حتى العصافير تتجنب التحليق فوقها في بعض المواسم.

منطقة محظورة رسمياً

منذ إغلاق المستشفى في الستينيات، أصبحت الجزيرة مهجورة، وممنوع دخولها من دون إذن حكومي رغم بعض المحاولات لتحويلها إلى منتجع سياحي، إلا أن كل المشاريع فشلت، وكأن لعنة خفية ترفض أن يخرج المكان من ظلاله.

فرضيات التفسير

1- الطاقة الجماعية للموت

يعتقد البعض أن العدد الهائل من الوفيات هناك خلّف طاقة سلبية مركّزة، تُحفّز الأحاسيس الماورائية لدى الزائرين.

2- الذاكرة البيئية

يُرجّح بعض العلماء أن الأماكن التي شهدت مآسي جماعية قد تحتفظ بما يسمى بـ"بصمة الذاكرة"، تجعل الإنسان يشعر بالحزن أو التوتر دون أن يفهم السبب.

3- الهلوسات الجماعية

من يزور المكان وهو مؤمن بأسطورته، قد يعيش حالة من الهلوسة أو الإدراك الزائف نتيجة التوتر والخوف، فيظن أنه يرى أو يسمع شيئاً غامضاً.

جزيرة لن تغفر لك إن دخلتها

جزيرة بوفليا ليست مجرد موقع مهجور، بل صرخة صامتة من الماضي، لا تزال تحوم فوق مياه فينيسيا.

سواء كنت من المؤمنين بالماورائيات أو من المهووسين بالتاريخ الغامض، فإن هذه الجزيرة تظل واحدة من أكثر الأماكن غموضاً وإثارة للرعب في العالم.

هل تجرؤ على زيارتها ؟ 

إقرأ أيضاً ...

- قرية المدام المهجورة... بين لعنة الجن وصمت الرمال

- نفق الصراخ في كندا: بين الأسطورة والحقيقة 

- كهوف جينولان المسكونة في أستراليا

- أسطورة "عيون الجن" في جبل السودة