29 مارس 2025

Textual description of firstImageUrl

أسطورة الغول تحت الجسر

إعداد : كمال غزال

لطالما ارتبطت الجسور في الفولكلور بالأساطير والمخلوقات الغامضة، وأبرزها الغيلان التي يُقال إنها تعيش تحتها. هذه الصورة النمطية المقلقة أثارت عبر القرون فضول الناس وخوفهم،  لكن لماذا تحديداً ارتبطت الغيلان بالجسور دون غيرها من الأماكن ؟

وهل لهذا الارتباط جذور أعمق من مجرد قصص تُروى قبل النوم؟


أصل الأسطورة: الجسور كمواقع عبور بين العوالم
يرجع الاعتقاد بأن الغيلان تسكن تحت الجسور إلى الميثولوجيا الإسكندنافية، حيث كانت الجسور تُعتبر نقاط عبور حساسة وخطرة بين عالم البشر والعوالم الأخرى، سواء كانت عوالم الأرواح أو الكائنات الغريبة. 

في القصص الشعبية، كانت الغيلان تتربص تحت الجسور وتفرض ما يُعرف بـ "ضريبة المرور" أو أتاوة، وهي رمزية للخوف البشري من اتخاذ خطوة نحو المجهول. الجسر هنا لم يكن مجرد معبر مادي، بل حداً بين المعلوم وغير المعلوم، بين الأمان والخطر، بين الإنسان واللا إنساني.


الغيلان والمساحات الفاصلة (Liminal Spaces)
مع تطور الزمن وانتشار الإنترنت، عادت فكرة الغيلان إلى الظهور من خلال قصص الرعب الحديثة Creepypasta ، هنا بدأ ربط الغيلان بالمفهوم الحديث للمساحات الفاصلة، أو ما يُعرف بالـ Liminal Spaces، وهي الأماكن التي تُعتبر انتقالية من حيث الوظيفة أو الزمن، مثل الممرات، الفنادق الفارغة، المطارات ليلاً، ومواقف السيارات المهجورة.

الجسور، بطبيعتها المعمارية والرمزية، تمثل أحد أبرز هذه المساحات. فهي لا تنتمي تمامًا لأي من الضفتين، بل تقع في "الوسط"، وهذا الوسط هو بالضبط ما يُثير قلق الإنسان ويدفعه لتخيل الأسوأ. في اللاوعي الجمعي، هذا النوع من الأماكن يتيح المجال لتدخل قوى غير مرئية.


التفسير العلمي لشعور الغموض تحت الجسور
بعيدًا عن الفولكلور، هناك تفسيرات علمية قد توضح سبب شعورنا بعدم الارتياح في هذه الأماكن:

1- الموجات تحت السمعية (Infrasound)
أسفل الجسور، يمكن أن تتولد موجات صوتية منخفضة التردد لا يسمعها الإنسان لكنها تؤثر عليه نفسياً وجسدياً، مما قد يسبب القلق، الدوار، أو حتى هلوسات بصرية خفيفة، كأن ترى شيئًا يتحرك في الزاوية.

2- الإضاءة والظلال المتغيرة
طبيعة الضوء تحت الجسور، خاصة في الليل أو أثناء الغروب، قد تؤدي إلى إسقاط ظلال غير منتظمة، مما يدفع الدماغ لتفسيرها كمخاطر محتملة.

3- الفراغ النفسي في الأماكن المهجورة
الأماكن التي تفتقر إلى مؤشرات الحياة (مثل الصوت، الحركة، الألوان المألوفة) تُشعِر الإنسان بالعزلة والخطر. الدماغ، كرد فعل وقائي، يبدأ بملء هذا الفراغ بتخيلات قد تكون مرعبة.

أسطورة أم حقيقة ؟
إذن، هل الغيلان تحت الجسور حقيقية ؟ على الأرجح، هي ليست أكثر من إسقاط رمزي للخوف البشري من المجهول والمخفي. لكن هذا لا يمنع أن هناك شيئاً ما، سواء في الظلال أو في أعماق وعينا، لا يزال يهمس بأن هناك شيئًا تحت الجسر… ينتظر.

فكر في الأمر: هل مررت يوماً تحت جسر قديم في منطقة معزولة وشعرت بشيء غريب دون تفسير؟ ربما لم يكن هناك غول فعلاً، لكن المؤكد أن الجسر نفسه كان يتحدث إلى شيء ما داخلك.


إقرأ أيضاً ...

0 تعليقات:

شارك في ساحة النقاش عبر كتابة تعليقك أدناه مع إحترام الرأي الآخر وتجنب : الخروج عن محور الموضوع ، إثارة الكراهية ضد دين أو طائفة أو عرق أو قومية أو تمييز ضد المرأة أو إهانة لرموز دينية أو لتكفير أحد المشاركين أو للنيل والإستهزاء من فكر أو شخص أحدهم أو لغاية إعلانية. إقرأ عن أخطاء التفكير لمزيد من التفاصيل .

 
2019 Paranormal Arabia جميع الحقوق محفوظة لـ