31 مارس 2025

Textual description of firstImageUrl

روائح من اللامكان... هل هي رسائل خفية من عالم الغيب ؟

إعداد : كمال غزال

على مر العصور، سجَّل الناس الذين مرّوا بتجارب ماورائية شهادات حول حوادث غير مفسرة، بدءًا من رؤى ضبابية إلى تجسدات شبحية، وأحياناً سماع أصوات مجهولة المصدر أو الشعور بوجود غامض لا يُرى. لكن هناك ظاهرة أخرى، أقل شهرة ولكنها لا تقل غموضًا، وهي شم روائح غريبة أو مألوفة في غياب أي مصدر واضح لها.

هذه الظاهرة تُعرف باسم "الشم الروحي" في السياقات الروحانية، أو ما يُسمى علمياً فانتوسميا (Phantosmia)، وهي حالة يدرك فيها الشخص رائحة لا وجود لها في الواقع.

الروائح كوسيلة تواصل روحي
في الأوساط الروحانية، يُعتقد أن الأرواح قد تختار استخدام الروائح كوسيلة للتواصل، خصوصاً إن كانت مرتبطة بها في الحياة. على سبيل المثال، قد يشم أحدهم رائحة عطر كانت تستخدمه والدته المتوفاة، أو دخان سجائر ارتبط بشخص راحل.

قصة واقعية 
سيدة فقدت والدتها منذ أشهر كانت تشم من وقت لآخر رائحة عطر والدتها في غرفتها، رغم أن العطر لم يعد موجودًا. الرائحة كانت تظهر فجأة، وغالبًا في لحظات الحزن، ما جعلها تشعر أن والدتها تحاول طمأنتها. مثل هذه القصص تُروى كثيرًا في سياقات متعلقة بالروحانيات.

قصة ثانية
رجل في الخمسينيات من عمره يروي أنه بعد وفاة والده الذي كان مدخنًا شرهًا، بدأ يشم رائحة دخان السجائر في مرآب منزله كلما دخل لتفقد أدواته، رغم أن لا أحد في المنزل يدخن، ولم يتم التدخين في ذلك المكان من قبل. الرائحة كانت تملأ المكان فجأة وتختفي خلال دقائق. يقول إنه يشعر براحة نفسية غريبة في تلك اللحظات، وكأن والده يزوره لبرهة.

فرضيات التفسير
 تتعدد الفرضيات لتفسير هذه الظاهرة، منها:

1- الفرضية الروحية
الأرواح تستخدم الروائح كرسائل عاطفية، وهو تفسير يؤمن به الكثيرون ممن مرّوا بهذه التجربة.

2- الفرضية النفسية
الدماغ قد يُعيد استحضار الروائح المرتبطة بذكريات قوية في حالات الحنين أو التوتر، ما يجعل الرائحة تبدو حقيقية.

3- الفرضية البيئية
في بعض البيوت القديمة، قد تُطلق التغيرات في الرطوبة أو الضغط روائح كامنة في الأثاث أو الجدران، وتبدو وكأنها ظهرت من العدم.

4- الفرضية الطبية
تشير دراسة منشورة في مجلة JAMA Otolaryngol Head Neck Surgery إلى أن أكثر من 6% من الأمريكيين فوق سن الأربعين مرّوا بتجربة شم روائح غير موجودة فعليًا. هذه الدراسة التي شملت 7417 شخصًا، كشفت أن الظاهرة أكثر شيوعاً بين النساء، وأولئك الذين يعانون من مشاكل صحية أو أصيبوا بجروح في الرأس، أو يعانون من جفاف الفم، أو يتناولون أدوية معينة.

الروائح التي تم الإبلاغ عنها طبياً تختلف عن تلك التي يُعتقد أنها روحانية؛ إذ غالبًا ما توصف بروائح كريهة مثل حرق الشعر أو اللحم المتعفن، في حين أن الروائح الروحانية توصف بأنها جميلة وعاطفية (كالعطور أو الزهور).

الفانتوسميا ومؤشراتها الصحية
تشير الأبحاث الحديثة إلى أن الفانتوسميا قد تكون مؤشرًا على وجود مشكلات صحية أكثر خطورة، مثل أورام في الدماغ، أو سكتة دماغية، أو نوبات صرع، حيث يتأثر مركز الشم في الدماغ. لذلك، من المهم عدم تجاهل هذه الظاهرة عند تكرارها أو ارتباطها بأعراض أخرى.

هل يمكن التمييز بين الروائح الروحانية والمرضية؟
رغم التشابه في الإحساس، إلا أن السياق العاطفي والتكرار وطبيعة الرائحة قد تكون مؤشرات تساعد في التمييز. الروائح الروحية غالبًا ما ترتبط بذكرى جميلة أو شخصية محبوبة، وتظهر فجأة وتختفي دون تفسير. أما الروائح المرضية، فغالبًا ما تكون كريهة، مستمرة، وترافقها أعراض عصبية أو جسدية.

ما بين التفسير الروحي والعلمي، تظل ظاهرة الروائح الغريبة واحدة من أكثر الظواهر إثارة للفضول. سواء كانت رسالة من عالم غير مرئي أو إشارة من الدماغ، فإنها تفتح نافذة للتأمل في تداخل العالمين: الماورائي والطبي.

هل مررت يوماً بتجربة مشابهة ؟ وماذا كانت الرائحة ؟


إقرأ أيضاً ...

0 تعليقات:

شارك في ساحة النقاش عبر كتابة تعليقك أدناه مع إحترام الرأي الآخر وتجنب : الخروج عن محور الموضوع ، إثارة الكراهية ضد دين أو طائفة أو عرق أو قومية أو تمييز ضد المرأة أو إهانة لرموز دينية أو لتكفير أحد المشاركين أو للنيل والإستهزاء من فكر أو شخص أحدهم أو لغاية إعلانية. إقرأ عن أخطاء التفكير لمزيد من التفاصيل .

 
2019 Paranormal Arabia جميع الحقوق محفوظة لـ