![]() |
إعداد : كمال غزال |
في منتصف فبراير 2025، استيقظ سكان مدينة الأصابعة، الواقعة في غرب ليبيا، على حرائق مفاجئة بدأت تلتهم منازلهم واحدًا تلو الآخر، دون وجود سبب واضح. لم تكن هناك عواصف رعدية، ولم يتم الإبلاغ عن حرائق غابات قريبة أو ماس كهربائي عام، ما جعل الحادثة تثير حالة من القلق والريبة بين الأهالي.
مع مرور الأيام، اتسعت رقعة النيران، وانتشرت بسرعة غير مفهومة، حتى وصلت إلى 110 منازل، وفقًا للتصريحات الرسمية، بينما قدرت مصادر أخرى العدد بأكثر من 150 منزلًا. وعلى الرغم من الجهود المبذولة من قبل فرق الإطفاء والطوارئ، إلا أن الحرائق استمرت في الاشتعال بشكل متقطع، مما جعل الأهالي في حالة من الذعر والخوف من فقدان منازلهم وأرواحهم.
تصاعد الأحداث: توقف مؤقت ثم عودة غير متوقعة
مع بداية مارس 2025، بدأت الحرائق تخمد تدريجيًا، مما أعطى السكان والمحققين بعض الأمل في السيطرة عليها وفهم أسبابها. لكن هذا الشعور بالطمأنينة لم يدم طويلًا، ففي ساعات الفجر الأولى من 2 مارس، عادت النيران إلى الاشتعال بشكل مفاجئ ومكثف، مما أدى إلى إصابة 8 أشخاص بحالات اختناق نتيجة تصاعد الدخان الكثيف في بعض الأحياء المتضررة.
بحسب جهاز الإسعاف والطوارئ، فإن ازدحام المواطنين حول مواقع النيران شكل عائقًا كبيرًا أمام فرق الإنقاذ، مما أخّر عمليات الإطفاء وزاد من مخاطر الإصابات.
السكان، الذين كانوا يتابعون النيران بذهول، انقسموا بين من يعتقد أن هناك تفسيرًا علميًا لهذه الظاهرة، ومن يرى أنها مرتبطة بقوى خارقة للطبيعة مثل الجن أو أعمال السحر.
فرضيات التفسير
مع استمرار لغز الحرائق الغامضة، حاول المسؤولون والخبراء تقديم فرضيات علمية ومنطقية تفسر ما يحدث، فيما ظل بعض الأهالي مقتنعين بوجود أسباب خارقة للطبيعة وراء هذه الظاهرة الغامضة.
1- تسرب غاز الميثان
في تصريح مثير للجدل، أشار وزير التعليم العالي عمران القيب إلى أن المنطقة تعرضت لهزة أرضية بقوة 3.5 درجة على مقياس ريختر، مما قد يكون أدى إلى تشققات في القشرة الأرضية وتسرب غاز الميثان القابل للاشتعال. هذه النظرية تعتمد على أن الميثان، عند اختلاطه بالهواء وملامسته لمصدر شرارة، قد يشتعل بشكل تلقائي.
2- أعطال كهربائية أو تماس حراري
من التفسيرات المنطقية الأخرى، احتمال أن تكون الأعطال الكهربائية داخل المنازل أو في شبكة الطاقة المحلية قد تسببت في اندلاع النيران. ومع ذلك، لم تظهر أي أدلة حتى الآن تدعم هذه الفرضية، خاصة أن النيران اشتعلت في مناطق متفرقة وبأوقات متباعدة، مما يجعل احتمالية أن تكون المشكلة كهربائية فقط أمرًا مشكوكًا فيه.
3- أعمال تخريبية متعمدة
هناك من يشير إلى أن الحرائق قد تكون مفتعلة من قبل جهات مجهولة، سواء بدوافع سياسية، اقتصادية، أو حتى بدافع إثارة الذعر والبلبلة داخل المدينة. ولكن حتى الآن، لم يتم القبض على أي شخص متورط أو اكتشاف أدلة واضحة تشير إلى أن الحرائق كانت متعمدة بشكل مباشر.
4- عوامل بيئية وطبيعية أخرى
يرى بعض العلماء أن بعض التفاعلات الكيميائية داخل التربة، خصوصًا في المناطق ذات الطبيعة الجافة، قد تؤدي إلى احتراق تلقائي لبعض المواد العضوية، ما قد يفسر استمرار اندلاع النيران في مواقع مختلفة دون وجود مصدر اشتعال واضح.
5- فرضية الجن وأعمال السحر
مع تعقد المشهد، لجأ بعض السكان إلى تفسيرات ميتافيزيقية، معتبرين أن ما يحدث قد يكون نتيجة أعمال سحرية أو أن الجن هو المسؤول عن إشعال الحرائق. ويرى البعض أن اشتعال الحرائق دون سبب واضح، ثم اختفائها وعودتها مرة أخرى، قد يكون دليلاً على ظاهرة غير طبيعية.
التحقيقات مستمرة… واللغز لم يُحل بعد
حتى الآن، لا تزال السلطات الليبية تواصل التحقيق في هذه الحرائق الغامضة، بمساعدة خبراء في الجيولوجيا، المناخ، والسلامة العامة. في الوقت نفسه، تواصل فرق الإطفاء والطوارئ العمل على السيطرة على الحرائق والحد من انتشارها، مع توجيه نداءات مستمرة إلى السكان لاتخاذ أقصى درجات الحذر.
هل سيكشف التحقيق العلمي السبب الحقيقي لهذه الكارثة؟ أم أن الأصابعة ستبقى مسرحًا لأحد أكثر الأحداث غموضًا في تاريخ ليبيا الحديث ؟
إقرأ أيضاً ...
0 تعليقات:
شارك في ساحة النقاش عبر كتابة تعليقك أدناه مع إحترام الرأي الآخر وتجنب : الخروج عن محور الموضوع ، إثارة الكراهية ضد دين أو طائفة أو عرق أو قومية أو تمييز ضد المرأة أو إهانة لرموز دينية أو لتكفير أحد المشاركين أو للنيل والإستهزاء من فكر أو شخص أحدهم أو لغاية إعلانية. إقرأ عن أخطاء التفكير لمزيد من التفاصيل .