هل خُلقت حواء من ضلع آدم حقاً ؟

إعداد : كمال غزال

ورد ذكر خلق حواء أم البشر في الكتب السماوية ، ورغم أن عملية الخلق جاءت في القرآن الكريم : " الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا "  النساء: 1  إلا أنها لم تشر إلى أن خلق حواء كان من ضلع آدم كما لا يوجد ذكر لاسم حواء ونفهم من الآية أنهما آدم و زوجه من جنس واحد .

ومع ذلك نجد في أحاديث محمد رسول الله إشارة إلى الضلع من باب تشجيع الرجال على حُسن معاملة النساء فيضرب لهم مثلاً بطبيعة المرأة لا بخلقها فيقول: " استوصوا بالنساء خيراً، فإن المرأة خلقت من ضلع، وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج، فاستوصوا بالنساء خيراً "، وكما نجد  أول الحديث يبدأ بـ " استوصوا بالنساء خيراً "، إذن الرسول يعلم أن طبيعة المرأة تجعل الرجل قد يسيء معاملتها لأنه لا يفهم حقيقة الأمر، فإن طبيعة المرأة تختلف عن طبيعة الرجل مع أنهما من جنس واحد .

فما هي جذور قصة الضلع إذن ؟ 

نجد في التوراة وفي العهد القديم من الكتاب المقدس ذكر لعملية خلق حواء من إحدى أضلاع آدم بينما كان نائماً في جنة عدن :

فَأَوْقَعَ الرَّبُّ الإِلهُ سُبَاتًا عَلَى آدَمَ فَنَامَ، فَأَخَذَ وَاحِدَةً مِنْ أَضْلاَعِهِ وَمَلأَ مَكَانَهَا لَحْمًا.

وَبَنَى الرَّبُّ الإِلهُ الضِّلْعَ الَّتِي أَخَذَهَا مِنْ آدَمَ امْرَأَةً وَأَحْضَرَهَا إِلَى آدَمَ.

فَقَالَ آدَمُ: " هذِهِ الآنَ عَظْمٌ مِنْ عِظَامِي وَلَحْمٌ مِنْ لَحْمِي. هذِهِ تُدْعَى امْرَأَةً لأَنَّهَا مِنِ امْرِءٍ أُخِذَتْ"

- سفر التكوين  - إصحاح 2 (آيات 21-23)

لكن بعض الدارسين يرون أن ترجمة كلمة  "ضلع "  من أصلها العبري لم تكن صحيحة فأخذت على غير معناها وبأن حواء خلقت من جزء مختلف وناتئ من جسد آدم وهو رمز للحياة والتكاثر أي من صلبه (القضيب) ، ويستمر الجدل حول "الضلع" حتى يومنا هذا وفي طريقة تفسير الكلمات السومرية والكلمات العبرية الأصلية التي تعني الضلع.

وأصبح الخلق من الضلع قضية في فقه اللغة وأصول الترجمة ، حيث استخدمت كلمة "تزيلا" tzela  أكثر من 40 مرة في الكتاب المقدس لتشير بأصلها العبري إلى الغرفة الجانبية للمبنى ، أو جانب الكائن الناتئ من الجسم ولم تستخدم بصفة "ضلع" بشري إلا في الآية التي ذكرت خلق حواء من ضلع آدم رغم أنه ليس ناتئاً من الجسم ، فكلمة تزيلا  tzela تشير عادة إلى أعضاء بارزة إلى الخارج من الجسم مثل اليدين والساقين والقضيب، والقضيب يبدو أكثر منطقية لهؤلاء الدارسين لأنه يرتبط على الأقل بدوره في وهب الحياة. 

رواية تعلل سبب الخلق من الضلع

يروي الحاخام يوشع قصة قديمة عن الضلع أعتبرها طريفة وتعلل سبب خلق حواء من الضلع دون أعضاء الأخرى  :

"لقد ناقش الله أي عضو سيخلق منه المرأة ، ففكر في نفسه هكذا: " لا يجب أن أخلقها من رأس آدم فهي ستتكبر وترفع رأسها عالياً، وإذا خلقتها من عينه سترغب في التنقيب عن كل شيء ؛ وإذا خلقتها من أذنه فسترغب في سماع كل شيء ، وإذا من فمه ستثرثر كثيرًا ؛ وإذا من قلبه ستحسد الناس ؛ وإذا من يده سترغب في امتلاك كل شيء ؛ وإذا من قدميه فستتسكع في كل مكان،  لذلك سأخلقها من عضو مخفي ، أي الضلع ، الذي لا يُرى حتى عندما يكون الإنسان عارياً " .

وأخيراً ، أياً كان العضو الذي خرجت منه حواء من جسم آدم في المعتقدات الدينية فإنها من صلبه وهو من صلبها وستظل رفيقة دربه ومؤنسته في الحياة قصرت أم طالت إن لم تكن هي الحياة نفسها فهي الأم والأخت والبنت والزوجة والحبيبة، وهناك حقائق علمية دامغة على أن الذكر والأنثى جنس واحد يتشاركان الغالبية العظمى من الجينات رغم الإختلافات البيولوجية والتخصصات الذهنية والميول العاطفية. 

إقرأ أيضاً ...

- باحث يحدد مكان جنة عدن

- ليليث : أسطورة الأنثى المتمردة 

- العلم يفسر كيفية حدوث طوفان نوح