إعداد: حسن بوزيدي |
قبل أن نبدأ في سرد تفاصيل قصة لعنة الجمشت كان لابد لنا أن نعرف ما مفهوم اللعنة ؟ يمكننا تعريف اللعنة Curse على أنها رغبة صريحة في أن تصيب الشدائد وسوء الحظ شخصا معينا أو مكانا معينا أو أي شيئ مرتبط بهذا الشخص، وعلى وجه الخصوص قد تشير كلمة " لعنة " إلى رغبة أو تصريح من قبل قوة روحية أو خارقة للطبيعة مثل الإله أو الآلهة أو الروح أو أي قوة طبيعية، وتعتبر اللعنة كذلك نوعا من أنواع السحر أو العرافة .
وفي العديد من المعتقدات نجد أن للّعنة نفسها (أو الطقوس المصاحبة لها) قوةً تؤثر على الأحداث وعلى البشر أيضا، وحسب هذه المعتقدات فإن إيقاف اللعنة لا يتأتى سوى " بكسرها " حيث يجب تبديد التعويذة مما يتطلب طقوسا و صلوات متقنة.
وغالبا ما نجد أن اللعنة ترتبط دائما بأغراض أو أشياء محددة والتي من المفترض أنها سُرقت من أصحابها الشرعيين أو تم نهبها من ملاذها الخاص، ومن المؤكد أن سرقتها تجلب سوء الحظ ولا يهنئ سارقها حتى يتخلص منها أو تتخلص هي منه ! ولا شك أن لعنة الفراعنة تعتبر من أكثر هذه الظواهر الغريبة شيوعا، فقد تعرض العديد من اللصوص وعلماء الآثار لحوادث غامضة وقعت لهم بعد إزعاجهم لمومياوات الفراعنة، فمنهم من أصابه مرض غريب ومنهم من مات ميتة فظيعة ومنهم من أصابه سوء الحظ طيلة حياته، ورغم التفسيرات العلمية التي طُرحت خلال القرن العشرين لتفنيد هذه الظاهرة ( مثل البكتيريا أو الإشعاع) إلا أنها رغم ذلك لازالت محيرة من زوايا أخرى. وعموما تختلف القصص الكامنة وراء سبب لعن هذه العناصر القديمة ولكن ما يُتداول عادة حولها هو كونها تجلب الحظ السيئ أو تتسب في حدوث ظواهر غير عادية تكون مرتبطة بمكان تواجدها.
لعنة الجمشت تحل على كل من امتلكه
بدأت القصة حين أحضر الفارس البنغالي، الكولونيل دبليو فيريس الجمشت الملعون إلى إنجلترا بعد أن سُرق من معبد إندرا في كانبور بعد قمع التمرد الهندي عام 1857، حين نهب الجنود البريطانيون المئات من الأضرحة والمعابد والقصور وسرقوا أطنانًا كثيرة من الكنوز الهندية القديمة.
وسرعان ما انقلبت الدنيا بعدها على رأس الكولونيل فيريس بعد إحضاره للحجر، حيث أنه فقد فجأة كل ما يملك، و تدهورت بعدها صحته، وأصيب كثير من أفراد عائلته بأمراض خطيرة، وأصيب ابنه بنفس البؤس والمعاناة بعد أن ورث الحجر من والده فأعطاه لصديق له لكن ذلك الصديق أعاده له وانتحر في وقت لاحق! فعاد الحجر إلى الإبن مرة أخرى والذي وجد نفسه أمام لعنة حقيقية مخيفة . ثم بدأت بعدها سلسلة من الأحداث الغامضة التي عُرفت لاحقا باسم لعنة الجمشت أو "لعنة الياقوت الأرجواني الهندي".
إدوارد هيرون |
وما حدث بعد ذلك كان مما يصعب تصديقه حقا، حيث جاء في القصة أنه بعد ثلاثة أشهر من إلقاء ألين للحجر إلتقطه أحد صيادي المحار بشبكته، وأعاده تاجر في النهاية إلى ألين ! وقال المتحف الطبيعي أن هيرون ألين وصف الجمشت بأنه " حجر ملعون وملطخ بالدماء".
وحتى ينتهي من هذا المأزق الغريب حاول هيرون ألين "تقييد القوة الشريرة" للحجر الملعون، فربطه بحلقة فضية على شكل ثعبان برأسين وخرزتين من خنفساء الجعران، ثم وضع الجمشت داخل سبعة صناديق وأغلقها ووضعها داخل قبو بالبنك.
وأصدر هيرون ألين تعليمات تقول بأنه بعد مرور ثلاث سنوات بالضبط من وفاته ، أي في عام 1943 ، يجب أن تفتح ابنته كل صندوق من الصناديق السبعة وتعطي الحجر للمتحف إضافة إلى مذكرته التي توضح بالتفصيل التاريخ الغامض للحجر . وتقول تلك الملاحظة:
"من سيفتح الجوهرة (الجمشت) يجب أن يقرأ هذا التحذير أولاً ، ثم يفعل ما يشاء بها، نصيحتي له أو لها هي أن يلقيها في البحر ".
مؤخرا عُرض الجمشت في متحف التاريخ الطبيعي عام 2007 ، ولازال موضوعا داخل حلقة من الفضة مع خرزتين من خنفساء الجعران تزين أحد طرفيه، وبالرغم من أن الزمن قد مضى على ما حدث إلا أن بعض الناس يعتقدون أن اللعنة لم تتلاشا بعد . فقد صرح أمين المتحف الطبيعي ريتشارد سافين في مقطع فيديو له على قناة History أنه عندما كان قادما من ندوة شارك فيها مصطحبا الجمشت معه، قال: " مررنا بأروع عاصفة رأيناها على الإطلاق. كان البرق يومض على جانبي السيارة وكانت زوجتي تصرخ في وجهي: إرمي تلك الجوهرة اللعينة.. ما كان يجب أن تحضرها معك! ".
وقال أمين المتحف أنه في كل مرة يحاول فيها حضور اجتماع لاحق يصاب بمرض شديد، لكنه اعترف أيضاً أن هذا يمكن أن يكون محض صدفة.
على الرغم من عدم وجود أي دليل تجريبي يشير إلى أن هذه التحف القديمة لها سلطان أو تأثير غامض في إلحاق الأذى بالآخرين، إلا أن علماء النفس يعتقدون أن الأشخاص الذين " يؤمنون " باللعنة يتسببون في جلب البؤس للذين يحيطون بهم عبر ما يظهرونه من مخاوف تجاهها حيث أنهم يجعلون الناس تنقاد إلى التصديق بأنه توجد لعنة بالفعل، مما يؤدي إلى خلق سلسلة من الأحداث المترابطة التي يُتوهم بأنها تصب بكاملها في مجرى الإعتقاد بأن اللعنة حقيقية، في حين أن تلك الأحداث ربما تكون عشوائية وليست نتاج لعنات شريرة .
تاريخياً ، يُعتقد أن اللعنات كانت قد تشكلت في الدعوات والصلوات والطقوس، حيث تستهدف فيها الرغبة في وقوع سوء الحظ لشخص معين أو ربما مكان معين، ومن الناحية التاريخية، يبدو أن اللعنات كانت جزءا مهما في الثقافات القديمة وربما كانت وسيلة لتخويف الأعداء و كذلك اعتبرت ظاهرة تتجلى فيها الشرور و المظالم في العالم.
وقد تناول موقع ما وراء الطبيعة سابقاً عن مجوهرات أخرى أحاطت بها سمعة سيئة أو "لعنة" والسؤال هنا هل يصدر عنها "طاقات سلبية" مزعومة في المكان تؤذي من امتلكها ؟ ، إقرأ عن المجوهرات الملعونة .
إقرأ أيضاً ...
0 تعليقات:
شارك في ساحة النقاش عبر كتابة تعليقك أدناه مع إحترام الرأي الآخر وتجنب : الخروج عن محور الموضوع ، إثارة الكراهية ضد دين أو طائفة أو عرق أو قومية أو تمييز ضد المرأة أو إهانة لرموز دينية أو لتكفير أحد المشاركين أو للنيل والإستهزاء من فكر أو شخص أحدهم أو لغاية إعلانية. إقرأ عن أخطاء التفكير لمزيد من التفاصيل .