إعداد : كمال غزال |
كانت نهاية حرب ابن أمية مأساوية على يد الجن ، فجميع كتب الأدب و التاريخ العربي تجمع و تقر بأن هذا الرجل قد لقي حتفه على يد الجن ، بدأت القصة عندما عاد حرب ابن أمية من حرب الفجار وهي حرب كانت بين قيس عيلان و كنانة فيما كان (حرب ابن أمية) قائداً لجيش كنانة وعند انتهاء الحرب وخلال عودته مر ابن أمية ليزور صديقه من بني سليم و اسمه (مرداس ابن ابي عامر السلمي) وهو زوج الخنساء الشاعرة العربية الشهيرة في التاريخ .
كان مرداس صديق حرب و شريكه في التجارة وكان يقيم في منطقة نائية اسمها القرية وكان في تلك القرية واد كثيف الأشجار ، فقال مرداس لحرب : " ما رأيك في هذا الوادي ؟ " ، فقال حرب :" انه لمزدرع " أي انه يصلح لنقيم فيه مزرعة لخيولنا و مواشينا لكن مشكلته أنه مليء بالأشجار ، فقال مرداس : " نقتلع الشجر و نتشارك الموقع انا وأنت لترعى فيه خيولنا و مواشينا .. لكن مشكلة هذا الوادي أن أهل القرية يقولون أنه مسكون بالجن ! " ، فقال حرب :" إذن إحرق الوادي و الشجر الذي فيه ليهرب منه الجن ! " ، فقال مرداس : " وهل نجرؤ ! " ، قال حرب : " وهل تخشى شيئاُ وأنا معك ! " ، فأخذ مرداس شعلة النار و بدأ يحرق الشجر وهو ينشد :
إني انتخبت لها حرباً و إخوتهُ .... إني بحبلٍ وثيق العهد دساسُ
إني أُقوم قبل الأمرِ حجتهُ .... كي لا يقال أن ولي الأمرِ مرداسُ
وكأنه يقول للجن أني لست وحدي في هذا الأمر فمعي حرب و إخوانه وإني شاورت حرب في الأمر ولست أنا صاحب فكرة إحراق الوادي وأخذ شعلة النار وبدأ يحرق في الوادي و حرب يقف خلفه ليشجعه ، وعندما بدأت النار تأكل الشجر سمعوا ضجيجاً و صراخاً و بكاء داخل الوادي و يذكر في كتب التاريخ أن الوادي خرجت منه أفاعي بيضاء مجنحه تطير هرباً من النار ! ، ومع الصراخ و البكاء في الوادي سمع مرداس و حرب صوت جني في الوادي يقول لهما :
ويلٌ لحربٍ فارساً مُطاعناً مُخالسا .. ويلٌ لعمرٍ فارساً إذا لبسوا القوانصا ....لنقتلن بقتله جحاجحاً عنابسا !
فقد مات في الحريق زعيم الجن و عرف لحظتها مرداس وحرب أنهما قد جنوا على أنفسهم ! ، فبعد حرق الوادي أصبح حرب ابن أمية و مرداس ابن عامر على رأس قائمة المطلوبين في عالم ما وراء الطبيعة إذا جاز التعبير .
أما موت مرداس ابن عامر فكان في لحظتها في نفس المكان فقد خنقه الجن في مكانه وعندما شاهد حرب صديقه وهو يموت شنقاً فر و هرب من الوادي ، مرت الأيام و الأشهر و السنين و إعتقد حرب ابن أمية أنه نجا من الحادثه ، وخرج في أحد السنوات الى التجارة مع القوافل الخارجه الى الشام فكان حرب خارجاً مع قافلة تجارية يتواجد فيها أمية ابن ابي الصلت الثقفي .. وكان أمية ابن ابي الصلت رجل متدين .. فقد كان نصرانياً .. وليس وثنياً كحرب.
وفي أحد ليالي سفرهم الى الشام وأثناء جلوسهم حول النار يتسامرون جاءت إليهم إمرأة تمشي ، كانت إمرأة من الجن مخيفة المنظر ، كان بيدها قضيب حديد مشتعل فضربت قضيب الحديد في الأرض ضربة شديدة و صرخت عليهم صرخة مرعبة فهربت النوق التي معهم و ذعرت القافلة و تشتت .، فذهبوا يبحثون عن النوق و جمعوها من جديد ، فجاءت المرأة إليهم مرة أخرى و صاحت عليهم و ضربت قضيب الحديد في الأرض فهربت النوق مجدداً فجمعوا نوقهم مجدداً ، وعادت لهم المرأة للمرة الثالثة ففرت النوق مجدداً .. وهذه المرة وهم يجمعون النوق شاهدوا خيمة منعزلة في الصحراء وكان أمام الخيمة رجل عجوز شائب الرأس يجلس أمام النار ، كانت هيئته من أبشع الأشكال لم يشاهدوا أبداً مثل هذا المخلوق، خيمة منعزلة و عجوز بشع وحيد في صحراء شاسعة بين الحجاز و الشام فإستغربوا الأمر .
فقال أمية ابن الصلت للرجل العجوز : " أخبرنا بقصة هذه المرأة .. ماذا تريد منا ؟! " ، فأشار الرجل العجوز الى حرب وقال لهم : " انها تريد صديقكم هذا .. فإذا أتتكم مرة أخرى فقولوا لها باسمك اللهم .. ولن تشاهدوها مرة أخرى ! " ، فحفظوا كلمة باسمك اللهم وجلسوا حول النار فجاءت المرأة تمشي بإتجاههم فقام إليها أمية بن ابي الصلت و صرخ في وجهها قائلاً : " باسمك اللهم " ، وقيل أنه كان أول رجل في العرب جميعاً يقول " باسمك اللهم " ، وعندما قال لها أمية باسمك اللهم صاحت صيحة مرعبة ثم اشتعلت وأصبحت رماد !
انتهت تلك الليلة على خير ، وفي الصباح تابعت القافلة مسيرها .. وأثناء مسير القافلة أغار نفر من الجن على القافلة و خطفوا حرب ابن أمية و عذبوه و قتلوه و دفنوه في منطقة مقفره ، وذهب رسول من الجن الى مكة ووقف على مدخل مكة ونادى على الناس قائلاً :
وقبر حربٍ بمكانٍ قفر ... وليس قرب قبر حرب قبر
وهذا البيت من الشعر يعتبر من الأبيات الإعجازية المستحيلة في اللغة العربية .. وهو يدل على انه كلام جن لا كلام بشر .. لأنه في علم اللغة يعتبر من المتناثرات ..
ويعتبر هذا البيت من الأبيات الخرافية التي لا تستطيع أن تكررها مهما كانت فصاحتك ثلاث مرات دون أن تغلط فيه !
قُتل حرب ابن أمية قتل قبل الإسلام بستة وثلاثين سنة وقد قتلته الجن بإتفاق جميع رواة التاريخ العربي ! ، وهذه لم تكن أول قصة ولا آخر قصة بين الجن و البشر في التراث العربي قبل الإسلام أو بعد الإسلام .
مصادر
- كتاب الكامل في التاريخ و كتاب التعريف و الأعلام للسهيلي
- كتاب التاريخ و الأعلام للزرقلي
إقرأ أيضاً ...
- مقتطفات من سيرة الجن في الأدب العربي
7 تعليقات:
لديّ قصة عن هؤلاء وحالياً أنا بصدد تدوينها .. وملخصها أن جنية كادت تقتل أخي على مدار عام وأكثر بأمراض وجراحات خطيرة إضطُر فيها لإستشصال عضو من جسده وجزء من أخر , حتى علمنا أخيراً عن قصة الإنتقام والتي كانت بسبب أن أخي قتل إبنها الجني عن طريق الخطأ في حادثة دهس , حيث كان متجسد في هيئة قطة .. الأمر يطول شرحه ولكن بفضل الله تم الصلح مع الأم وتحسنت صحة أخي أخيراً بعد صراع مع المرض لمدة عام كامل كاد يودي بحياة أخي , والحمد لله رب العالمين هو الأن يتعافي ويتماثل للشفاء .. دعواتكم لأخي فضلاً وتكرماً , بأن يتم الله شفاءه على خير ..
تحياتي : مصطفى
15/11/2021، 11:27:00 ص
الاخ مضصطفى ، من فضلك "شارك تجربتك" من الرابط في التذييل ، من خلال ملأ النموذج المخصص .
21/11/2021، 10:33:00 ص
غير معرف
يقول...تحياتي .. تاريخنا العربي يزخر بقصص حبذا لوا ركزنا اكثر على هذا الجانب لزيادة الوعي والاهتمام بالتراث
23/11/2021، 6:46:00 م
السلام عليكم ....اذكر قصه لجاري ...هو الان في بدايه الثلاثينات ....كان قبل عشر سنوات يرعى اغنام خارج المدينه في الوديان ...فكان يقتل ابو بريص ...وذات مره حاول قتل ابو بريص ففر يختبأ بين الاحجار فذهب صاحبي يبحث عنه بين الاحجار حتا وجده وما ان وجد ابو بريص قذف بالحجر نحو ابو بريص وفي هذه اللحظه انتفخ جسد ابو بريص وصار مثل البالون وحينما اصابته الحجر حدث ارتداد عكسي فطارت الحجر وانقسمت نصفين فاصابت صاحبي برأسه وحينها مرض ـصاحبي فجأه وظل مرريض لمدة سنتين كان مجنون يعذب نفسه ونرا جروح علا وجهه وكان كثير المكوث بالوادي الذي كان يرعى الاغنام ...ولكن فجأه بعد سنتين شفي من مرضه وكأنه لم يكون مجنون ...ماقصته طول السنتين اثناء مرضه وتعذيبه...يتبع تعليق 2
04/12/2021، 2:56:00 ص
تعليق2 :
ماقصته طول السنتين اثناء مرضه وتعذيبه...
اخبرته عن ماذا حصل معه حينما مرض فجأه وصار مجنون يعذب نفسه حتا شفائه فجأه فاخبرني قصته من البدايه التي ذكرتها بالتعليق الاول ثم اكمل ماسأقوله ...طبعا ابو بريص كان جني ...فحينما اراد صاحبي قتل ابو بريص من حسن حظ صاحبي انه لم يمت الجني او ابو بريص بل اصيب الجني وظل مريض طريح الفراش لمدة سنتين وفي هذه الفتره اهل الجني اخذو صاحبي وكانو يظربوه ومن ثم اخذوه الى محكمه الجن لكي يحاكمو صاحبي لانه اعتدى على جني ...فحكم عليه قاضي الجن ان يضلو اهل الجن يضربوه ويؤذوه حتا ينظرو ماذا سيحل بالجني الذي اصيب هل سيعيش ام سيموت ...وبعد سنتين شفي الجني من اصابته فاخذو صاحبي ومعه والده للمحاكمه الاخيره او للجلسه الاخيره اخذوهم في اليل فحكم قاضي الجن انه قد تم العفو عن صاحبي لان الجني لم يمت ولو مات الجني كانو سيقتلو صاحبي ولكنهم اشترطو علا صاحبي ان يقوم باحظار ماعز الى الوادي وكمان يجلب معه دبله خاتم ذهب ويقوم بذبح الماعز إرضاء لهم ويترك الماعز والخاتم الذهب في الوادي وان لا يعود للوادي طوال حياته وإلا سيعتدو عليه الجن ...ففعل كما طلبو منه وهاهو صاحبي بصحه وعافيه ...تم
04/12/2021، 3:13:00 ص
تعليق3....قصه اخرا حقيقيه حدثت لابنة عمي في القريه كانت هي واخوها ذاهبين للوادي وفجأه ظهرت لهم افعى حيه وكانت الحيه تتقدم نحو ابنة عمي فخافت ابنه عمي واخذت الحجر وقالت للحيه استحلفك بالله ان لا تأذيني وان حاولتي ان تأذيني فسوف اقتلك فتقدمت الحيه نحو ابنة عمي تريد اذاها فقذفت الحجر من يدها نحو الحيه وقتلتها وفي تلك اللحظه حدث تشنج لابنة عمي وصار جسدها يقذف حول الطريق واخوها كان يذهب نحوها يحاول امساكها فكان يشعر بان يد مخفيه تمسكه وتمنعه من الوصول لاخته ...تبين فيما بعد ان الجنيه التي كانت بصورة حيه كان معها اثنين اخوه شاهدو شاهدو حادثة مقتل اختهم فارادو الانتقام وقتل ابنة عمي وفي تلك اللحظه كان هناك اثنان من الجن شاهدو الحادثه من البدايه فانطلقو نحو البنت وحالو بين البنت والاثنين الجن اخوة الجنيه المقتوله واخذو البنت والاثنين الجن للمحاكمه .ومن حسن حظ ابنة عمي ان الجن مسلمين . فتمت محاكمه البنت وشهدو الاثنين الجن الذين كانو يشاهدو الحادثه ان البنت قالت للجنيه (الحيه) استحلفك بالله ان لا تأذيني وان حاولتي أذيتي سوف اقتلك فتم الحكم علا البنت بالعفو لانها دافعت عن نفسها ...وشكرا
04/12/2021، 3:40:00 ص
أشكرك ابن اليمن على مشاركة تجربة جارك وصاحبك راعي الماشية، وإن كنت أقصد أن تشاركها في نموذج "شارك تجربتك" وليس في التعليقات أعلاه ، سأنشر لك التجربة في قسم "تجاربكم"
18/12/2021، 1:28:00 م
شارك في ساحة النقاش عبر كتابة تعليقك أدناه مع إحترام الرأي الآخر وتجنب : الخروج عن محور الموضوع ، إثارة الكراهية ضد دين أو طائفة أو عرق أو قومية أو تمييز ضد المرأة أو إهانة لرموز دينية أو لتكفير أحد المشاركين أو للنيل والإستهزاء من فكر أو شخص أحدهم أو لغاية إعلانية. إقرأ عن أخطاء التفكير لمزيد من التفاصيل .