إعداد : كمال غزال |
يكاد يكون التنبؤ المستقبل ضرباً من المستحيل ، إلا أن هذا لا يمنع الكثير من الناس من الاعتقاد بأن لدى بعضهم القدرة على القيام بذلك.
في الواقع ، وجدت دراسة جديدة أن الأشخاص الأكثر ميلًا للاعتقاد بالتكهن هم أكثر من يشعرون بأن حياتهم خارجة عن سيطرتهم ، مما يشير إلى أن الإيمان بقدرة خارقة كالتنبؤ يوفر نوعًا من آلية التكيف عند البشر.
تقول (كاثرين جرينواي) الباحثة في هذه الدراسة وعالمة علم النفس بجامعة كوينزلاند في أستراليا : " قد لا يكون مريحاً إعتقادنا بأننا لا نسيطر على حياتنا على أرض الواقع وبأن الناس يبذلون قصارى جهدهم النفسي لإيهام أنفسهم بأن لديهم سيطرة أكبر على حياتهم وإحدى الطرق التي يقومون بها قائمة على تعزيز الشعور بأن المستقبل يمكن التنبؤ به أو حتى معرفة ما سيحدث" .
ووفقاً للدراسة : يعتقد واحد من أصل أربعة أمريكيين بأن قدراتهم في الإحساس بما سيحصل موجودة ، ويتم إنفاق آلاف الدولارات على ما يعرف بالوسطاء الروحانيين أو العرافين كل عام رغم من عدم وجود أي دليل علمي عن التنبؤ بالمستقبل.
وتقول (غرينواي) إن الدراسة الجديدة تنبع من الرغبة في اختبار نظريتها التي تقول بأن الإحساس بالسيطرة أمر حيوي ولهذا يتشبث الكثير من الناس بأسطورة معرفة المستقبل.
في هذه الدراسة قسم الباحثون 85 طالبًا جامعيًا من طلاب المرحلة الجامعية الأولى إلى مجموعتين. كتبت إحداهما وصفاً عن الأوقات التي شعروا فيه بالسيطرة على حياتهم (مجموعة السيطرة العالية) ، فيما كتبت المجموعة الأخرى عن أوقات شعروا فيه بأنهم خرجوا عن السيطرة (مجموعة السيطرة المنخفضة) ثم أجابت كل مجموعة عن أسئلة حول معتقداتهم في الخوارق أو الماروائيات .
وبينت النتائج أن أولئك المشاركين في مجموعة السيطرة المنخفضة أظهروا معتقدات أقوى في التنبؤ في المستقبل.
وقال الباحثون إن النتائج لا تشير فحسب إلى أن الناس يلجأون إلى المعتقدات الخرافية كأسلوب للتكيف لدى شعورهم بأنهم خارجون عن السيطرة بل تساعدهم أيضاً تلك المعتقدات على الشعور بأنهم مسؤولون مرة أخرى عن مصيرهم.
أفاد المشاركون في الدراسة الذين قرأوا فقرة قصيرة تفيد بأن "المعرفة المسبقة عن المستقبل مثبتة علمياً" أنهم شعروا بمزيد من السيطرة على مستقبلهم مقارنة بأولئك الذين قرأوا فقرة قصيرة تفيد بأن "هذه الظاهرة مجرد أسطورة".
ومن المثير للاهتمام أن الناس يضعون ثقتهم في التبصر فقط عندما يشعرون بأنهم خارجون عن السيطرة. وحينما أخبر الباحثون أفراد مجموعة السيطرة العالية بأن الهاجس كان حقيقياً لم يبلغ المشاركون عن زيادة في شعورهم في السيطرة على حياتهم.
وتقول (غرينواي): "تشير هذه النتائج إلى تكيف المنظومة النفسية للإنسان ، فكلما شعرنا بأننا نفقد السيطرة نمارس بما يشبه "الجمباز النفسي " لمساعدتنا على الشعور بالسيطرة مرة أخرى ، يحدث كل هذا خارج وعينا وإدراكنا إلى حد كبير ، نحن نوع متحيز وغير عقلاني في بعض الأحيان لكن متكيف".
وكان للخبراء الآخرين آراء متباينة حول نتائج الدراسة ، إذ يقول (باستيان روتجنز) عالم نفس في جامعة أمستردام : "هذه إحدى أولى الدراسات التي تُظهر أن مثل هذا " التعويض " عن انعدام السيطرة يساعد فعلياً وبالتالي فإن له قيمة وظيفية ".
وأوضحت (روتجينز) أن النتائج أظهرت أنه عندما يشعر الناس بأن الحياة خارجة عن نطاق السيطرة فإنهم يسلكون في الأساس طريقاً لاستعادة فكرة مفادها أن العالم منظم ومسيطر عليه ".
ومع ذلك ،تساءلت (كريستين لورين) التي تدرس السلوك التنظيمي في جامعة ستانفورد عن النتيجة. وقالت: "من أجل أن يمنحني هذا الإدراك مزيداً من السيطرة ، أحتاج إلى أن أكون الشخص الذي لديه إدراك مسبق ولا يساعدني بالضرورة أن هناك آخرون يمكنهم التنبؤ بالمستقبل".
ويقول (لورينالسو): " إنه إذا كان على الشخص أن يعرف مقدمًا ما الذي سيحصل معه ، فيمكن أن يشعر في الواقع أنه ليس لديه سيطرة على الحدث ، وإذا أمكن على سبيل المثال التنبؤ بدقة في السن الذي سأموت فيه ، أو ما نوع الشخص الذي سأتزوجه ، فلا شيء يمكنني فعله لتغيير ذلك".
لـ (جنيفر ويتسن) رأي مختلف وهي عالمة نفس في جامعة تكساس في أوستن : "يبدو أننا نرغب بامتلاك قدر من السيطرة في هذا العالم ، لكن ليس بالضرورة أن نكون نحن ، ربما آخرين يتوقعون مساراً لمستقبلنا ".
إقرأ أيضاً ..
0 تعليقات:
شارك في ساحة النقاش عبر كتابة تعليقك أدناه مع إحترام الرأي الآخر وتجنب : الخروج عن محور الموضوع ، إثارة الكراهية ضد دين أو طائفة أو عرق أو قومية أو تمييز ضد المرأة أو إهانة لرموز دينية أو لتكفير أحد المشاركين أو للنيل والإستهزاء من فكر أو شخص أحدهم أو لغاية إعلانية. إقرأ عن أخطاء التفكير لمزيد من التفاصيل .