18 أبريل 2025

Textual description of firstImageUrl

تأملات باحث في الماورائيات بعد سنوات من التيه

الباحث عن الحقيقة :  كمال غزال

أحياناً… لا تكون الرحلة بحثاً عن جواب بل صراخاً داخلياً لا يحتمل الصمت.

تسير، ليس لأنك ترى في الأفق نهاية واضحة، بل لأن هناك جوعاً دفيناً في داخلك، توقاً لا تعرف له اسماً، يدفعك لتجاوز الخوف، وتخطي الظنون، وعبور آلاف العلامات التي لا تؤدي إلى شيء… سوى المزيد من الأسئلة.


ولعلّ البعض يسألني اليوم، وقد قضيت أكثر من خمسة عشر عاماً أتنقل بين الظلال والألغاز والأساطير، بين الظواهرالتي يُطلق عليها "ما وراء الطبيعة" أو الميتافيزيقا … يسألونني بصراحة :

هل وصلتُ إلى شيء ؟
هل وجدتُ تفسيراً ؟ 
هل أمسكتُ بطرف الحقيقة ؟
هل شعرتُ أنني – ولو مرة واحدة – أضع قدمي على أرض ثابتة ؟

أسئلتهم مشروعة، تماماً كالسؤال الأبدي:
هل نحن وحدنا ؟
هل هناك ما لا يُرى ؟
هل العالم بكل هذه البساطة… أم أن ما نراه ليس إلا القشرة الأولى في ثمرةٍ لا نعرف عمقها ؟

وجوابي، بعد سنوات من التأمل، القراءة، الشك، والتجربة، ليس جملة منطقية، ولا خلاصة معرفية تُنهي الجدل.

بل هو هذا الشعور العالق… بين الخوف والدهشة، بين العزلة والانبهار، شعور لم أستطع ترجمته إلا عبر الشعر ، فكتبت هذه الأبيات :

أمضي وراءَ دليلٍ لا قرارَ لهُ
وكلّما قلتُ "ذاكَ الحقُّ" أنكَرني

خيوطُ فكري كبيتِ العنكبوتِ إذا
أمسكتُ منها طرفاً ضاعَ من يدي

وما اليقينُ سوى وهمٍ أطاردُهُ
وكيفَ أُمسكُ طيفًا ليسَ يُمسكني ؟

كأنني سائرٌ في التيهِ أسألني
فلا سؤالِيَ يُدنيني، ولا زمني

أجوبُ بحراً من الأسرارِ لا سُفُنٌ
تُنجِي، ولا موجةٌ تحنو فتحمِلُني

أرى الحقائقَ وجهاً بعدَ وجهٍ،
لكنَّ كلّ الوجوهِ اليومَ تخدعُني

وفي النهايةِ لا دربٌ سينقذني
ولا وصولٌ إلى بابٍ سيقبلني

كأنني شبحٌ من وهمِ ذاكرةٍ،
نسجَ الغموضُ حكايتَهُ ليُضيعَني

وما الحياةُ سوى بحثٍ بلا أمَلٍ،
وما الطريقُ سوى لغزٍ يؤرّقني

لكنني سائرٌ، لا شيء يوقفني،
كأنَّ شوقي لضوءِ الحقِّ يدفعني !

سِرٌّ إذا خفِيَ ألهبَ الروحَ شوقاً،
وحينَ بدا… بردَ الشوقُ في العَينِ

الحُكمُ للهِ في الغيبِ وحدَهُ،
وما سِوى اللهِ، إدراكٌ يُفرّقُني.


ربما لم أجد جواباً،
لكنني وجدت نفسي...
وفي هذا وحده، قد يكمن جزءٌ من الحقيقة.

في دروب الماورائيات، لا توجد إشارات نهائية، ولا توجد حقيقة مطلقة يمكن أن تقول: "هذه هي"...
كل ما نُدركه هو انعكاس لما نحن عليه، فالحقائق، في هذا العالم الغامض، نسبية، تتلون بنظرتنا، ومن سوى الله يعلم كُنه الأشياء على حقيقتها.

ثمّة شيء آخر أدركه جيداً :

المجهولُ فتنة، والمعلومُ انطفاء.
فكلما تحوّل السرّ إلى شرح، فقد شيئاً من سحره،
وكلما انقشع الغموض… خفتَ النور الذي كان يشعل القلب بحثاً.


الباحث عن الحقيقة : كمال غزال

0 تعليقات:

شارك في ساحة النقاش عبر كتابة تعليقك أدناه مع إحترام الرأي الآخر وتجنب : الخروج عن محور الموضوع ، إثارة الكراهية ضد دين أو طائفة أو عرق أو قومية أو تمييز ضد المرأة أو إهانة لرموز دينية أو لتكفير أحد المشاركين أو للنيل والإستهزاء من فكر أو شخص أحدهم أو لغاية إعلانية. إقرأ عن أخطاء التفكير لمزيد من التفاصيل .

 
2019 Paranormal Arabia جميع الحقوق محفوظة لـ