13 أبريل 2025

Textual description of firstImageUrl

حين واجه الساموراي المجهول: تحدي المئة قصة شبح

إعداد : كمال غزال

في قلب اليابان القديمة، حيث يتقاطع التراث الحربي مع الروحانيات والأساطير، وُلد طقس مرعب وغامض يُدعى هياكومونوغاتاري كايدانكاي (Hyakumonogatari Kaidankai)، والذي يعني حرفياً "اجتماع المئة قصة شبح".

ما بدا كنوع من الترفيه في البداية، تحوّل لاحقاً إلى اختبار حقيقي للشجاعة، شارك فيه الساموراي والنبلاء خلال فترة إيدو (1603 – 1868)، حين سادت اليابان حالة من السلم الداخلي، وابتعد المحاربون عن ساحات القتال.


كيف بدأت الفكرة ؟
نشأت هذه الطقوس أولاً في أوساط الكهنة والفرسان والمثقفين، وكانت تُقام داخل منازل أو معابد مغلقة بعد غروب الشمس حيث يتم إشعال مئة شمعة في غرفة مظلمة، ويجلس المشاركون في دائرة، كل واحد منهم يتناوب على سرد قصة غريبة أو خارقة للطبيعة سواء كانت مستمدة من الأساطير المحلية، أو تجربة شخصية مزعومة، أو حتى حكاية خيالية مرعبة.

بعد نهاية كل قصة، يُطفأ أحد الشموع، ليغرق المكان تدريجياً في ظلمة خانقة، مما يزيد من توتر الجو وإحساس الرهبة. ومع اقتراب القصة المئة... تصبح الأعصاب مشدودة إلى أقصى درجة.

الخرافة التي أرعبت الجميع
بحسب المعتقد الشعبي، فإن رواية القصة رقم 100 تُكمل دورة استدعاء " قوى العالم الآخر "، وقد تُسبب ظهور روحٍ منتقمة أو كيانٍ من عالم الظلال. ولهذا، كان كثير من المشاركين يتوقفون عمدًا عند القصة رقم 99، خوفًا من العواقب التي لا يمكن التنبؤ بها.

حتى الساموراي المعروفين بشجاعتهم الحديدية، ترددوا أحيانًا في إتمام التحدي.

بين الحقيقة والخيال
القصص التي تُروى في هذه الطقوس تنوّعت بين:

- حكايات عن الأونّيو (onryō)، وهي أرواح غاضبة تعود للانتقام من الظالمين.

- قصص يوكاي، وهي مخلوقات خارقة ذات صفات بشرية وحيوانية وروحية.

- رؤى مأخوذة من حوادث واقعية كاختفاءات، انتحارات غامضة، أو نذور مرعبة تم كسرها.

- تجارب أحلام أو حالات تشبه الشلل الليلي، مما عزز الإيمان بهذه الكيانات.

كما ساهمت هذه الطقوس في ولادة نوع أدبي خاص في اليابان يُعرف باسم "كايدان" (怪談)، أي " القصص الغريبة أو الخارقة ".

وظيفة نفسية واجتماعية ؟
البعض من الباحثين يرى أن هذه الطقوس لم تكن فقط لاختبار الشجاعة، بل كانت أيضاً تصريفاً جماعياً للمخاوف الشخصية في أوقات السلم ووسيلة لإثبات الصلابة الذهنية لدى المحاربين وحتى وسيلة للتسلية الجماعية في ظل ليالٍ طويلة ومظلمة.

ما وراء القصة: طقس بين الواقع والمجاز
في ثقافة تحترم الرمزية وتقدّس التوازن بين العالمين، المادي والروحي، تبدو لعبة المئة قصة ليست مجرد رواية حكايات، بل طقساً شبه شعائري، يجعل من الخيال بوابة لملامسة المجهول، ومن الظلمة اختباراً لثبات القلب.

0 تعليقات:

شارك في ساحة النقاش عبر كتابة تعليقك أدناه مع إحترام الرأي الآخر وتجنب : الخروج عن محور الموضوع ، إثارة الكراهية ضد دين أو طائفة أو عرق أو قومية أو تمييز ضد المرأة أو إهانة لرموز دينية أو لتكفير أحد المشاركين أو للنيل والإستهزاء من فكر أو شخص أحدهم أو لغاية إعلانية. إقرأ عن أخطاء التفكير لمزيد من التفاصيل .

 
2019 Paranormal Arabia جميع الحقوق محفوظة لـ