![]() |
إعداد : كمال غزال |
في عمق التاريخ المصري القديم، وتحديداً خلال فترة الدولة الحديثة في عصر الرعامسة (الأسرتان 19 و20)، نُقشت واحدة من أقدم القصص المعروفة عن الأشباح على شظايا فخارية (أوستراكا) تم اكتشافها في منطقة دير المدينة قرب طيبة. هذه القصة تُعرف باسم "خونسمهاب والشبح" ، وتُعتبر من أقدم القصص التي تناولت موضوع الأرواح الهائمة.
تبدأ القصة برجل يُجبر على قضاء الليل بجوار مقبرة في مقبرة طيبة، حيث يُوقظه شبح يُدعى "نبوسمخ". يذهب الرجل إلى الكاهن الأعظم "خونسمهاب" ليُخبره بتجربته. يقوم خونسمهاب بدعوة الآلهة من سطح المعبد لاستحضار الشبح. عند ظهوره، يكشف الشبح عن اسمه ونسبه، موضحاً أنه كان مسؤولًا كبيرًا في عهد الفرعون "رحوتب" و "منتوحتب" ، وأن قبره قد تدهور، مما جعله غير قادر على الراحة في العالم الآخر .
يتأثر خونسمهاب بحالة الشبح، ويعرض عليه إعادة بناء قبره وتقديم تابوت جديد مصنوع من خشب الزِّيزَفُون المُذهَّب. كما يعرض إرسال عشرة خدم لتقديم القرابين اليومية. ومع ذلك، يظل الشبح متشككاً، مشيراً إلى وعود سابقة لم تُنفذ. يُظهر خونسمهاب تعاطفاً عميقا ويجلس بجوار الشبح باكياً، معبراً عن رغبته في مشاركته مصيره إذا لم يتمكن من مساعدته .
تنقطع القصة في هذا الجزء، لكن يُعتقد أن خونسمهاب أرسل ثلاثة رجال للبحث عن مكان مناسب لبناء قبر جديد للشبح. يعثرون على موقع مثالي بالقرب من معبد منتوحتب الثاني في الدير البحري. يعود الرجال ليُخبروا خونسمهاب، الذي يُخطط لإبلاغ نائب ملك آمون، "منكاو"، عن خطته. تنتهي القصة هنا، ويُفترض أن خونسمهاب نجح في تهدئة روح نبوسمخ .
كذلك بسبب فقدان بداية القصة، لا يمكن تحديد السبب الدقيق لإجبار الرجل على قضاء الليل بجوار المقبرة. قد يكون ذلك نتيجة لواجبه الوظيفي، أو لأسباب أخرى غير معروفة .
أهمية القصة
تعكس هذه القصة معتقدات المصريين القدماء حول الحياة بعد الموت وأهمية الطقوس الجنائزية. كان يُعتقد أن الروح (أو "آخ") يمكن أن تعود إذا لم تُمنح ما تستحقه من طقوس الدفن، أو إذا كانت هناك مظلمة لم تُحل في حياتها. تُبرز القصة أيضاً دور الكهنة في التوسط بين العالمين، وتُظهر كيف كان يُنظر إلى الأرواح الهائمة ليس ككيانات مخيفة، بل كأرواح تحتاج إلى المساعدة والراحة .
القطع الأثرية
تتكون القصة من عدة شظايا فخارية تم اكتشافها في مواقع مختلفة، وهي محفوظة حاليًا في متاحف في تورين، فيينا، باريس وفلورنسا. تم تجميع هذه الشظايا لإعادة بناء القصة، رغم أن بدايتها ونهايتها لا تزالان مفقودتين .
0 تعليقات:
شارك في ساحة النقاش عبر كتابة تعليقك أدناه مع إحترام الرأي الآخر وتجنب : الخروج عن محور الموضوع ، إثارة الكراهية ضد دين أو طائفة أو عرق أو قومية أو تمييز ضد المرأة أو إهانة لرموز دينية أو لتكفير أحد المشاركين أو للنيل والإستهزاء من فكر أو شخص أحدهم أو لغاية إعلانية. إقرأ عن أخطاء التفكير لمزيد من التفاصيل .